في رحاب النجف الأشرف
كتب العمل بسنة1992
شَرَفٌ ليسَ بَعدَهُ شَرَفُ
أنَّكَ الآنَ عَرشُكَ النَّجَفُ
أيُّها المُستَفَزُّ أجنِحَةً
في رِحابِ الكَرَّارِ تَرتَجِفُ
شَرَفٌ أنَّ كلَّ بارقةٍ
أو رَفيفٍ مِن رَهبَةٍ يَجِفُ
بجَناحَيكَ أنَّ خَفْقَهُما
لِعليٍّ بالحبِّ يَعترِفُ
شَرَفٌ ليسَ بَعدَهُ شَرَفُ
أنَّكَ الآنَ بَيتُكَ النَّجَفُ
إنْ تَكُنْ قد وقفتَ مُرتَبكاً
فالنَّبيُّون هَهُنا وَقَفوا
أو تَكنْ جئتَ نازفاً فَأقِلْ
فالنَّبيُّونَ هَهنا نَزَفوا
وتَواضَعْ، فَكلُّ أُنْمُلَةٍ
هَهنا فوقَها دمٌ يَكِفُ!
مِن عليٍّ لليومِ هاطلةٌ
تَحتَها الرَّاسياتُ تَنخَسِفُ
فاختَصِرْ إنْ تَكنْ أتَيتَ لكي
تُعلِنَ الحُزنَ أيُّها الكَلِفُ!
عَجَبي يا حسينُ كيفَ هُنا
ليسَ يَحمَرُّ لَونُهُ السَّعَفُ!
كيفَ تَبقى السَّماءُ صاحيَةً
هكذا، والغصونُ تَنعَطِفُ
وكأنْ لم يَكُنْ هنا مَطَرٌ
دَمُهُ عِدْلَ بَرقِهِ يَلِفُ!
تُربَةُ الأنبياءِ يَعصِمُها
أنَّها الآنَ فوقَ ما أصِفُ
كلَّما أُمْطِرَتْ زَهَتْ رُطَباً
بَينَما حِمْلُ غيرها حَشَفُ
سيِّدي يا عليُّ، مَعذرةً
أنا مِن راحَتَيكَ أرتَشِفُ
أبلَغُ القولِ أنتَ سَيِّدُهُ
والوَرى مِن نَداكَ تَغتَرِفُ
فإذا ما وقفتُ مُضطَرباً
فاعذُرَنْ وَقفَتي التي أقِفُ
أنا نُصْبَ الجَلالِ أجمَعِهِ
لَيتَني لي بِظِلِّهِ كَنَفُ
ليتَ ماءَ الفُراتِ يُصبحُ لي
أدمُعاً في ثَراكَ تَنذَرِفُ
أيُّها الحاسِرُ الذي أبَداً
بِشِغافِ القلوبِ يَلتَحِفُ
أيُّها الجاسِرُ المَضاربُهُ
كلُّ ليلٍ بِهِنَّ يَنكَشِفُ
أيُّها الآسِرُ الأسيرُ تُقىً
ليسَ إلا اللهِ يَزدَلِفُ
هوَ فَجرُ الإسلامِ.. أعظَمُهُ
أنَّهُ ذلكَ الفَتى الأنِفُ
الذي عَنهُ فاتِحاً يَدَهُ
نَزَلَتْ مِن سَمائِها الصُّحُفُ
والذي مِنهُ قابِضاً يَدَهُ
شَعَفاتُ القلوبِ تَنشَعِفُ
والذي مِن دُعائِهِ انفَطَرَتْ
بابُ رَبِّي، وانجابَت السُّجُفُ
الذي لو تَمَسُّ غَيرَتُهُ
جَبَلاً قلتُ سوفَ يَنخَسِفُ
والذي سَيفُهُ النُّفوسُ بِهِ
قبلَ خَطفِ العيونِ تَنخَطِفُ
والذي إذْ تَلوحُ غُرَّتُهُ
كلُّ شمسٍ في الكونِ تَنكَسِفُ
هوَ فَجرُ الإسلامِ.. لؤلؤهُ
آلُهُ، والعَوالِمُ الصَّدَفُ
يا ابنَ عَمِّ النَّبيِّ لُطْفَكَ بي
وأجِزْني، فالليلُ يَنتَصِفُ
وأنا لم أزَلْ أرى قَلَمي
ويَدي والسّطورَ تَرتَجِفُ
أنا في حَضرَتَيكَ.. شاخِصَةٌ
نُصْبَ عَيني هذي، وذي تَرِفُ
في ضلوعي.. مُذْ كُوِّرَتْ قَفَصاً
وضلوعي عليكَ تَعتَكِفُ!
فَأقِلْني إذا كَبَوتُ هُنا
مِن خشوعي.. وتَعذُرُ النَّجَفُ!