مُقدّمة (١) من أروع صور الفكر والعلم في الإسلام الإمام أبو جعفر الثاني محمّد الجواد 7 الذي حوى فضائل الدنيا ومكارمها ، وفجر ينابيع الحكمة والعلم في الأرض ، فكان المعلّم والرائد للنهضة العلمية ، والثقافية في عصره ، وقد أقبل عليه العلماء والفقهاء ورواة الحديث ، وطلبة الحكمة والمعارف ، وهم ينتهلون من نمير علومه وآدابه ، وقد روى عنه الفقهاء الشيء الكثير ممّا يتعلّق بأحكام الشريعة الإسلامية من العبادات والمعاملات وغير ذلك من أبواب الفقه ، وقد دوّنت في موسوعات الفقه والحديث. لقد كان هذا الإمام العظيم أحد المؤسّسين لفقه أهل البيت 7 الذي يمثّل الإبداع والأصالة ، وتطور الفكر. وروى عنه العلماء ألواناً ممتعة من الحكم والآداب التي تتعلّق بمكارم الأخلاق وآداب السلوك ، وهي من أثمن ما أثر عن الإسلام من غرر الحكم التي عالجت مختلف القضايا التربوية والأخلاقية.
ودلّل الإمام أبو جعفر الجواد 7 بمواهبه وعبقرياته ، وملكاته العلميّة الهائلة التي لاتُحدّ على الواقع المشرق الذي تذهب إليه الشيعة الإمامية من أنّ الإمام لابدّ أن يكون أعلم أهل زمانه وأفضلهم من دون فرق بين أن يكون صغيراً أو كبيراً ، فإنّ الله أمدَّ أئمّة أهل البيت 7 بالعلم والحكمة وفصل الخطاب كما أمدَّ اُولي العزم من أنبيائه ورسله ، وتعتبر هذه إحدى العناصر الحيّة في عقيدة الشيعة. لقد برهن الإمام أبو جعفر 7 على ذلك فقد تقلّد الإمامة والزعامة الدينية بعد وفاة أبيه الإمام الرضا 7 وكان عمره الشريف ـ فيما أجمع عليه المؤرّخين ـ لايتجاوز السبع سنين ، وهو دور لايسمح لصحابة ـ حسب سيكلوجية الطفل ـ أن يخوض في أي ميدان من مياتدين العلوم العقلية ، أو يدخل في عالم المناظرات والبحوث الجدلية ، مع كبار العلماء والمتخصّصين فإنّ ذلك غير ممكن لمن كان في سن الطفولة. إلاّ أنّ الإمام الجواد 7 وهو بهذا السنّ قد خرق هذه العادة. فقد سأله أشهر علماء عصره عن أعقد المسائل الفلسفية والكلامية والفقهية فأجابهم عنها ، وكان ممّن سأله يحيى بن أكثم قاضي قضاة بغداد الذي انتخبه العباسيون لامتحان الإمام فسأله عن مسألة فقهية ، ففرّع الإمام عليها عدّة فروع ثمّ سأله عن أي فرع أراده منها ، فلم يهتدِ يحيى لذلك ، ولم يستطع أن يتخلّص ممّا هو فيه ، واعترف بعدم قدرته على مجاراة الإمام (١). ولقد شغلت مناظراته مع يحيى وغيره من علماء عصره الرأي العام في بغداد وغيرها ، فكانت حديث الأندية والمجالس ، وتحدّث بها الركبان ، ولا تزال تسجّل له الاعجاب على امتداد التاريخ ..
وممّا يدلّل على مدى ثرواته العلمية ، وهو بهذا السن انّ فقهاء الشيعة بعد وفاة الإمام الرضا 7 قد خفّوا إلى يثرب للتعرّف على الإمام القائم من بعده ، فأرشدهم الثقات إلى الإمام الجواد فمثلوا أمامه وسألوه عن أعمق المسائل ، وأكثرها تعقيداً فأجابهم عنها ، ويقول الرواة : انّه سئل في موضع آخر عن ثلاثين ألف مسالة فأداب عنها ، ومن الطبيعي أنّه لا تعليل لهذه الظاهرة المحيّرة والمذهلة للفكر إلاّ بما تذهب إليه الشيعة الإمامية من أنّ أئمّة أهل البيت 7 قد منحهم الله تعالى العلم وآتاهم من الفضل ما لم يؤت أحداً من الناس. (٣) ويقول بعض المؤرّخين : إنّ مواهب الإمام الجواد 7 وعبقرياته قد ملكت عواطف المأمون ، ومشاعره فأخلص له في الحبّ والولاء فقدّمه على أبنائه ، وأهل بيته ، وزوّجه من ابنته اُمّ الفضل ، ووفّر له العطاء الجزيل ، وأوعز إلى جهاز حكومته وسائر الأوساط الرسمية باحترامه وتبجيله. إلاّ أنّه واقع لذلك كما سنعرض له في بحوث هذا الكتاب. (٤) ولم يلق الإمام الجواد 7 أي ضغط اقتصادي طيلة حياته وإنّما عاش مرفهاً عليه غاية الترفيه فقد أجرى له المأمون مرتباً سنوياً يبلغ حوالي مليون درهم ، وهي كثيرة في ذلك العصر الذي كان الدرهم فيه يساوي قيمة شاة. وكانت ترد إليه الأموال الطائلة من الحقوق الشرعية التي تذهب الشيعة إلى لزوم دفعها إلى الإمام ، كنصف الخمس الذي يسمّيه فقهاء الشيعة الإمامية بحقّ
الإمام 7 وكمجهول المالك وغيره من سائر الحقوق الشرعية بالإضافة إلى واردات الأوقاف التي وقفها على أهل البيت : بعض المحسنين من الشيعة في ( قم ) وغيرها وكان 7 يقتصد في صرفه على نفسه ، وينفق تلك الأموال الطائلة على فقراء المسلمين وذوي الحاجة والمظرين ، ولهذا السخاء المنقطع النظير ، فقد لقّب 7 بالجواد وكان هذا اللقب من أميز ألقابه وأشهرها حتى عُرِف واشتهر به بين الناس. (٥) واُحيط الإمام محمّد الجواد 7 بهالة من الحفاوة والتكريم ، وقابلته جميع الأوساط بمزيد من الاكبار والتعظيم ، فكانت ترى في شخصيّته امتداداً ذاتياً لآبائه العظام الذين حملوا مشعل الهداية والخير إلى الناس. إلاّ أنّه لم يحفل بتلك المظاهر التي اُحيط بها ، وإنّما آثر الزهد في الدنيا والتجرّد عن جميع مباهجها. وقد رآه الحسين في بغداد ، وقد إلتفّت حوله الجماهير ، فحدّثته نفسه بأنّه لا يرجع إلى ما كان عليه من الزهد في الدنيا والاقبال على الله ، وشعر الإمام منه ذلك ، فأقبل عليه بلطف ورفق قائلاً : ( يا حسين ، إن خبز الشعير ، وملح الجريش في حرم جدّي رسول الله 6 أحبُّ إليَّ ممّا تراني فيه ... ) (١). وكانت هذه الظاهرة إحدى العناصر البارزة في سيرة الإمام محمّد الجواد 7 كما كانت السمة البارزة في سيرة أئمّة أهل البيت : ، فلم يؤثر عن أي أحد منهم أنّه سعى للدنيا ، أو اتّجه نحو مباهجها ، وإنّما آثروا جميعاً طاعة الله وابتغوا الدار الآخرة ، وعملوا كلّ ما يقرّبهم إلى الله زلفى.
(٦) وعاش الإمام محمّد الجواد 7 في تلك الفترة القصيرة من حياته متّجهاً صوب العلم فرفع مناره ، وأرسى اُصوله وقواعده ، فاستغل مدّة بقائه في بغداد بالتدريس (١) وإشاعة العلم ، وبلورة الفكر بالمعارف والآداب الإسلامية ، وقد احتف به جمهور كبير من العلماء والرواة وهم يأخذون منه العلوم الإسلامية من علم الكلام والفلسفة ، وعلم الفقه ، والتفسير ، ويعرض هذا الكتاب إلى تراجمهم وإعطاء صورة مفصّلة عن حياتهم حسبما تنصّ عليه مصادر التراجم ، فإنّ الحديث عنهم من مكمّلات البحث عن شخصيّة الإمام 7. (٧) أمّا عصر الإمام الجواد 7 فهو من أروع العصور الإسلامية على امتداد التاريخ وذلك لانتشار الحضارة فيه على نطاق واسع ، وكان من أروع صور تلك الحضارة تطوّر العلوم ، وانتشار المعاهد ، وإنشار المعاهد ، وإنشاء المكتبات وترجمة الكتب الطبيّة ، والفلسفية من اللغة اليونانية وغيرها إلى اللغة العربية ، وقد صارت بغداد حاضرة من أعظم حواضر العلم والفكر في الإسلام فقد ازدهرت بكبار العلماء والمتخصّصين في علوم الطبّ واللغة والفقه وغيرها إلى اللغة وغيرها كما تطوّرت الحياة الاقتصادية في بغداد إلى حدّ غريب إلاّ أنّه من المؤسف أنّه قد تكدّست الملايين من الأموال عند بعض الطبقات ، وهي التي كانت تخدم السلطة العبّاسية ، وتعمل لصالحها ، فقد أثرت هذه الطبقة ثراءً فاحشاً حتى حارت في صرف ما عندها من الأموال ، حتى صنعت أبواب بيوتها من الذهب ،
وتفنّنت في أنواع الترف والشهوات في حين أنّ الأكثرية الساحقة من الشعوب الإسلامية كانت تعاني مرارة العيش والفقر والحرمان. ونحن مدعوّون إلى دراسة عصر الإمام محمّد الجواد 7 والوقوف على جميع معالمه الحضارية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية ، فقد أصبحت دراسة العصر بهذا اللون من البحوث المنهجية التي لاغنى للباحث عنها ، ولم يعهد هذا الكتاب دراسة خاصّة عن حياة الإمام الجواد 7 فقط وإنّما هو دراسة شاملة ومستوعبة للعصر الإسلامي الذي نشأ فيه. (٨) أمّا البحث عن حياة الملوك الذين عاصرهم الإمام الجواد 7 فإنّه يرتبط ارتباطاً وثيقاً وموضوعيّاً بحياة الإمام فإنّه يصوّر مدى ما عاناه من المشاكل وما عانته الاُمّة الإسلامية من المصاعب والخطوب في دور اُولئك الملوك الذين جهدوا على ظلم الناس وارغامهم على ما يكرهون. وقد قضى الإمام أبو جعفر 7 أكثر أيام حياته في عهد المأمون الذي هو من أبرز ملوك العبّاسيّين فكراً وسياسة ، ومقدرته للتغلب على الأحداث ، وقد عرضنا بصورة موضوعيّة إلى دراسة ، ودراسة الأحداث السياسية التي وقعت في عهده ، والتي كان من أبرزها : عقده لولاية العهد للإمام الرضا 7 والحروب الطاحنة التي وقعت بينه وبين أخيه الأمين ، وواقعة أبي السرايا ، وغير ذلك من الأحداث ، وقد ذكرنا الأسباب التي أدّت إلى أن يزوّج المأمون ابنته اُمّ الفضل من الإمام الجواد 7 كما ذكرنا دراسة عن حياة المعتصم العبّاسي الذي قاسى الإمام في عهده أشد ألوان الاضطهارد فأرغمه على مغادرة يثرب والإقامة الجرية في بغداد ، وأقام عليه المباحث تحصي عليه جميع
تصرّفاته ، وتراقب جميع من يتّصل به ، ولمّا استبان له سموّ شخصية الإمام وأنّه لا يجاريه ولا يسايره ولا يقرّ سياسته الهادفة إلى نشر الظلم والفساد في الأرض فحينئذٍ دسّ له السمّ على يد زوجته اُمّ الفضل فاغتاله ، وكان الإمام في غضارة العمر وريعان الشباب ، ويعرض هذا الكتاب إلى تفصيل ذلك كله. (٩) لا أرى هناك عائدة على الاُمّة ، أو خدمة تؤدّي إليها أفضل من نشر حياة أئمّة أهل البيت : وإذاعة مآثرهم ، ونشر فضائلهم بين الناس فإنّهم سلام الله عليهم المصدر الأصيل لكرامة الإنسان ، وشرفه ، والينابيع الفيّاضة للفكر والوعي ، لالهذه الاُمّة فحسب ، وإنّما للناس جميعاً على اختلاف قوميّاتهم ، وأديانهم ، وميولهم .. وقد رفعوا راية الحق عالية خفّاقة ، وهي ترشد الضالّ ، وتهدي الحائر ، وتوضّح القصد ، وتدللّ على الإيمان بالله الذي تبتني عليه قوى الخير والسلام في الأرض. إنّ البحث عن سير أئمّة أهل البيت : يكشف عن كنوز مشرقة من العلم والحكمة ويكشف عن ذوات أخلصوا للحقّ ، وخلقوا للإيمان واتّجهوا صوب الله تعالى ، وتبنّوا الدعوة إليه ، وعانوا في سبيل ذلك من فراعنة عصورهم مالم يعانه أي مصلح اجتماعي في الأرض ، إنّ الإمام الجواد 7 أحد كواكب تلك العترة الطاهرة ، وهو ممّن رفع كلمة الله ، فامتحن كأشدّ ما يكون الامتحان من أجل ذلك قابله فراعنة عصره وطواغبت زمانه ، بألوان قاسية من الاضطهاد والجور ويوضّح هذا الكتاب جميع هذه الجوانب. (١٠) ولم تحظّ المكتبة العربية بدراسة عن حياة الإمام أبي جعفر الجواد 7 الذي هو من منابع الفكر والعلم في الإسلام ، وأحد مفاخره هذه الاُمّة وقادتها الطليعيّين فلم يكتب أحد عن سيرته سوى محمّد بن وهبان فقد ألّف كتاباً عن حياته أسماه ( أخبار أبي جعفر الثاني ) (١) لكنّه لم يوجد في مكتباتنا. ولعلّه من جملة ما ما فقدته الاُمّة من ثرواتها المخطوطة ، أو أنّه في بعض خزائن المخطوطات في مكتبات العالم. وقد وفّقت ـ والحمدلله ـ إلى البحث عن سيرة هذا الإمام العظيم الذي ملأ الدنيا بفضائله وعلومه وزهده وتقواه ، ولا أدّعي أنّي ألممت بجميع جوانب حياته المشرقة ، فذاك أمر لا يتّفق مع الواقع الذي نخلص له ، وإنّما ألقينا أضواءً خافتة على بعض معالم شخصيّته التي هي امتداد ذاتي ـ بلا شكّ ـ لحياة آبائه الطاهرين الذين أضاؤا الحياة الفكرية والاجتماعية في الإسلام. (١١) وأرى من الحقّ عليَّ وأنا في نهاية هذا التقديم أن أرفع بكلّ تقدير واعتزاز آيات الشكر والإخلاص إلى سماحة الحجّة العلاّمة الكبير الأخ الشيخ هادي القرشي على ما تفضّل به من مراجعة كثير من الموسوعات كوسائل الشيعة ، وغيرها من المصادر التي أمدّتنا بكثير من المعلومات عن حياة الإمام أبي جعفر 7 بالاضافة إلى ملاحظاته القيّمة في هذا الكتاب سائلاً منه تعالى أن يجعله من ذخائر الفضل والعلم .. كما أنّ من الحقّ أن اُشيد بولدنا المهذّب النبيل السيّد عبدالرسول نجل السيّد رضا الحسيني الصائغ لمساهمته في الانفاق على طبع هذا الكتاب في طبعته الاُولى سائلاً منه تعالى أن يوفّقه لكلّ مسعىً نبيل. ـ الذريعة ١:٣١٥ ، الأعلام ٧:١٥٥.
ولادتة ونشأته
وقبل أن أخوض في ميدان البحث عن معالم شخصيّة الإمام أبي جعفر الجواد 7 وأتحدث عن سيرته ، وسائر شؤونه ، أعرض إلى حسبه الوضاح ، وما رافقه من بيان ولادته وملامح شخصيّته ، وغير ذلك ممّا يعتبر مفتاحاً للحديث عن شخصيته ، وفيما يلي ذلك :نسبه الوضّاح
وليس في دنيا الأنساب نسب أسمى ، ولا أرفع من نسب الإمام أبي جعفر 7 فهو من صميم الأسرة النبوية التي هي من أجلّ الأسر التي عرفتها الإنسانية في جميع أدوارها ، تلك الأسرة التي أمدّت العالم بعناصر الفضيلة والكمال ، وأضاءت جوانب الحياة بالعلم والإيمان .. أما الأصول الكريمة ، والأرحام المطهرة التي تفرع منها فهي :
الأب :
أما أبوه فهو الإمام علي الرضا ابن الإمام موسى بن جعفر ابن الإمام محمد الباقر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب : وهذه هي السلسلة الذهبية التي لو قرأت على الصمّ البكم لبرئوا بإذن الله عزوجل ـ كما يقول المأمون العباسي (١) ـ ويقول الإمام أحمد بن حنبل : ( لو قرأت هذا الإسناد على مجنون لبرئ من جُنّته ) (٢) __________________ ١ ـ عيون أخبار الرضا : ج ٢ ص ١٤٧. ٢ ـ الصواعق المحرقة : ص ٢٠٧.
وفي بعض أعلام هذه الأسرة الكريمة يقول أبو العلاء المعري الذي كان يسيء الظن بأكثر الناس : والشخوص التي أضاء سناها
قبل خلق المريخ والميزان
قبل أن تخلق السماوات
وتؤمر أفلاكهن بالدوران
من هذه الشجرة الطيبة الكريمة على الله ، والعزيزة على كلّ مسلم تفرّع الإمام محمد الجواد 7. الأمّ :
أما السيدة الفاضلة الكريمة أم الإمام محمد الجواد 7 فقد كانت من سيدات نساء المسلمين عفّة وطهارة ، وفضلاً ويكفيها فخراً وشرفاً أنها ولدت علماً من أعلام العقيدة الإسلامية ، وإماماً من أئمة المسلمين ، ولا يحطّ من شأنها أو يُوهن كرامتها أنها أمة ، فقد حارب الإسلام هذه الظاهرة واعتبرها من عناصر الحياة الجاهلية التي دمرها ، وقضى على معالمها فقد اعتبر الفضل والتفوّق إنّما هو بالتقوى ، وطاعة الله ولا اعتبار بغير ذلك من الأمور التي تؤوّل إلى التراب. إن الإسلام ـ بكلّ اعتزاز وفخر ـ ألغى جميع ألوان التمايز العنصري واعتبره من أهمّ عوامل التأخّر والانحطاط في المجتمع لأنّه يفرّق ، ولا يوحد ويشتّت ولا يجمع ، ولذلك فقد سارع أئمة أهل البيت إلى الزواج بالإماء للقضاء على هذه النعرات الخبيثة وإزالة أسباب التفرقة بين المسلمين فقد تزوج الإمام زين العابدين ، وسيد الساجدين ، بأمة أولدت له الشهيد الخالد ، والثائر العظيم زيداً. وتزوّج الإمام الرضا 7 أمة فأولدت له إماماً من أئمة المسلمين وهو الإمام الجواد 7.. لقد كان موقف الأئمة : من زواجهم بالإماء هو الردّ الحاسم على أعداء الإسلام الذين جهدوا على التفرقة بين المسلمين.
٢٠ أما اسم السيدة اُمّ الإمام الجواد 7 فقد اختلف الرواة فيه ، وهذه بعض الأقوال: ١ ـ اسمها الخيزران ، سماها به الإمام الرضا 7 وكانت تسمى درّة (١). ٢ ـ اسمها سكينة النوبية ، وقيل المريسية (٢) ، وقيل : إنها ممن تنتمي إلى مارية القبطية زوجة الرسول الأعظم 6 (٣). ٣ ـ اسمها ريحانة (٤). ٤ ـ اسمها سبيكة (٥). وأهملت بعض المصادر اسمها ، واكتفت بالقول إنها أمّ ولد (٦) وعلى أي حال فإنه ليس من المهم في شيء الوقوف على اسمها ، ومن المؤسف أنّ المصادر التي بأيدينا لم تشر إلى أي جانب من جوانب حياتها. الوليد العظيم :
وأحاط الإمام الرضا 7 السيدة الكريمة جاريته بكثير من الرعاية والتكريم ، فقد استشف من وراء الغيب أنها ستلد له ولداً قد اختاره الله للإمامة وللنيابة العامة عن النبي الأعظم 6 فهو أحد أوصيائه الاثني عشر ، وقد اخبر الإمام الرضا بذلك __________________ ١ ـ بحر الأنساب : ج ٢ ص ١٩ من مصورات مكتبة الإمام أمير المؤمنين ، دلائل الإمامة : ٢٩ ، ضياء العالمين : ج٢ ، مخطوطات مكتبة الحسينية الشوشترية. ٢ ـ الفصول المهمة : ص ٢٥٢ ، تذكرة الخواص لابن الجوزي : ص ٣٢١. ٣ ـ المقنعة : ص ٤٨٢. ٤ ـ دلائل الإمامة : ص ٢٠٩. ٥ ـ الإرشاد : ص ٣٥٦. ٦ ـ عمدة الطالب : ص ١٨٨.
٢١ أعلام أصحابه. وعهد الإمام الرضا 7 إلى شقيقته السيدة الجليلة حكيمة بنت الإمام موسى بن جعفر 7 بأن تقوم برعاية جاريته ، وتلازمها حتى تلد (١) وقامت السيدة حكيمة بما طلب منها الإمام الرضا ، ولما شعرت الجارية بالولادة أمر 7 شقيقته بأن تحضر مع القابلة لولادتها ، وقام 7 فوضع مصباحاً في البيت (٢) وظلّ 7 يرقب الوليد العظيم .. ولم تمض إلاّ لحظات حتى ولدت جاريته علماً من أعلام الفكر والجهاد في الإسلام. سرور الإمام الرضا :
وغمرت الإمام الرضا 7 موجات من الأفراح والسرور بوليده المبارك ، وطفق يقول : ( قد وُلِد لي شبيه موسى بن عمران فالق البحار ، وشبيه عيسى بن مريم ، قُدست أمّ ولدته ... ) (٣). والتفت 7 إلى أصحابه فبشّرهم بمولوده قائلاً : ( إنّ الله قد وهب لي من يرثني ، ويرث آل داود ... ) (٤). وقد عرفهم بأنه الإمام من بعده .. وقد استقبل الإمام الرضا الوليد العظيم بمزيد من الغبطة؛ لأنه المنتظر للقيادة الروحية والزمنية لهذه الأمة وكان في المجلس __________________ ١ ـ دلائل الإمامة : ص ٢٠٩. ٢ ـ مختصر البحار في أحوال الأئمة ـ لنور الدين ـ مخطوطات مكتبة كاشف الغطاء. ٣ ـ بحار الأنوار : ج ١٢ ، ص ١٠٣. ٤ ـ بحار الأنوار : ج ١٢ ، ص ١٠٤.
٢٢ شاعر أهل البيت دعبل الخزاعي (١) وقد شارك أهل البيت في أفراحهم ومسراتهم بولادة الإمام أبي جعفر 7. مراسيم الولادة :
وأسرع الإمام الرضا 7 إلى وليده المبارك فأخذه وأجرى عليه مراسيم الولادة الشرعية ، فأذّن في إذنه اليمنى ، وأقام في اليسرى ، ثمّ وضعه في المهد (٢). كنيته :
وكنّى الإمام الرضا 7 ولده الإمام محمد الجواد بأبي جعفر ، وهي ككنية جدّه الإمام محمد الباقر 7 ويفرق بينهما فيقال : للإمام الباقر أبو جعفر الأول ، وللإمام الجواد أبو جعفر الثاني. ألقابه :
أما ألقابه الكريمة فهي تدل على معالم شخصيته العظيمة ، وسمو ذاته وهي : ١ ـ الجواد : لُقِّب بذلك لكثرة ما أسداه من الخير والبر والإحسان إلى الناس. ٢ ـ التقي : لقب بذلك لأنه اتقى الله وأناب إليه ، واعتصم به ، فلم يستجب لأي داع من دواعي الهوى ، فقد امتحنه المأمون بشتّى ألوان المغريات فلم ينخدع ، فأناب إلى الله وآثر طاعته على كل شيء. ٣ ـ القانع. __________________ ١ ـ جامع الرواة : ج ٢ ص ٣١١. ٢ ـ مختصر البحار في أحوال الأئمة.
٢٣ ٤ ـ المرتضى (١). ٥ ـ الرضي. ٦ ـ المختار. ٧ ـ المتوكل. ٨ ـ الزكي (٢). ٩ ـ باب المراد : وقد عُرِف بهذا اللقب عند عامة المسلمين التي آمنت بأنه باب من أبواب الرحمة الإلهيّة التي يلجأ إليها الملهوفون وذوو الحاجة لدفع ما ألّم بهم من مكاره الدهر وفجائع الأيام. هذه بعض ألقابه الكريمة ، وكلّ لقب منها يشير إلى إحدى صفاته الرفيعة ، ونزعاته الشريفة التي هي من مواضع الاعتزاز والفخر لهذه الأمة. ملامحه :
أما ملامحه فكانت كملامح آبائه التي تحكي ملامح الأنبياء : فكانت أسارير التقوى بادية على وجه الكريم ، وقد وصفته بعض المصادر بأنه ( كان أبيض معتدل القامة ) (٣) ونص بعض المؤرخين على أنه كان شديد السمرة ، وأثبتت ذلك رواية شاذة (٤) إلاّ أن الأستاذ الإمام الخوئي دلل على أنها من الموضوعات (٥) وقد أعرضنا عن ذكرها لشذوذها وعدم صحّتها. __________________ ١ ـ النجوم الزاهرة : ج ٢ ص ٢٣١ ، الفصول المهمة : ص ٢٥٢. ٢ ـ دلائل الإمامة : ص ٢٠٩. ٣ ـ نوار الأبصار : ص ١٤٦ ، الفصول المهمة لابن الصباغ : ص ٢٥٢. ٤ ـ المكاسب ـ كتاب القيافة. ٥ ـ مصباح الفقاهة : ص ٣٨٤.
٢٤ سنة ولادته :
والمشهور بين المؤرّخين أنّ ولادة الإمام أبي جعفر الجواد 7 كانت في ١٩ من شهر رمضان سنة ١٩٥ هـ (١) ، وقيل : إنّ ولادته كانت في الخامس من رمضان سنة ١٧٥ هـ وهو اشتباه محض فإنّه من المقطوع به أنّه لم يولد في تلك السنة ، وإنّما ولد في سنة ١٩٥ هـ حسبما أجمع عليه الرواة والمؤرّخون. نقش خاتمه :
أمّا نقش خاتمه فيدلّ على مدى انقطاعه إلى الله ، فقد كتب عليه ( العزّة لله ) (٢) ، لقد آمن بأن العزّة إنما هي لله تعالى وحده خالق الكون وواهب الحياة. نشأته :
نشأ الإمام محمد الجواد 7 في بيت النبوة والإمامة ذلك البيت الذي أعزّ الله به المسلمين وقد ترعرع 7 في ظلاله وهو يتلقّى المثُل العليا من أبيه ، وقد أفاض عليه أشعة من روحه العظيمة ، وقد تولى بذاته تربيته ، فكان يصحبه في حلّه وسفره ، ويطعمه بنفسه ، وقد روى يحيى الصنعاني قال : دخلت على أبي الحسن الرضا 7 __________________ ١ ـ النجوم الزاهرة : ج ٢ ص ٢٣١ ، الفصول المهمة : ص ٢٥٢ ، الإرشاد : ص ٣٥٦. ٢ ـ دلائل الإمامة : ص ٢٠٩ ، وجاء في مكارم الأخلاق : ص ٩٢ ، عن محمد بن عيسى قال : سمعت الموفق يقول : كنت قدام أبي جعفر الثاني ، وأراني خاتماً في إصبعه ، فقال لي : أتعرف هذا الخاتم؟ فقلت له : نعم أعرف نقشه ، فأمّا صورته فلا ، وكان خاتم فضّه كله ، وحلقته وفصّه فصّ مدوّر وكان عليه مكتوباً ( حسبي الله ) وفوقه وأسفله وردة ، فقلت له : خاتم من هذا؟ فقال : خاتم أبي الحسن ، فقلت له : وكيف صار في يدك؟ قال : لمّا حضرته الوفاة دفعه لي وقال : لا تخرجه من يدك إلاّ إلى عليّ ابني.
٢٥ وهو بمكة ، وكان يقشّر موزاً ، ويطعم أبا جعفر ، فقلت له : جعلت فداك ، هذا المولود المبارك؟ قال 7 : نعم يا يحيى هذا المولود الذي لم يولد في الإسلام مولود أعظم بركة على شيعتنا منه (١). إن هذا اللون من التربية المطعّم بالحبّ والتكريم له أثره البالغ في التكوين النفسي وازدهار الشخصية حسبما قرّره علماء التربية والنفس. ذكاؤه وعبقريته :
وملك الإمام محمد الجواد 7 في سنه المبكر من الذكاء والعبقرية ما يثير الدهشة ويملك النفس إكباراً وإعجاباً وقد ذكر المؤرّخون بوادر كثيرة من ذكائه كان من بينها ما يلي : ١ ـ ما رواه أميّة بن علي قال : كنت مع أبي الحسن الرضا بمكة في السنة التي حجّ فيها مودّعاً البيت الحرام عندما أراد السفر إلى خراسان وكان معه ولده أبو جعفر الجواد ، فودّع أبو الحسن البيت ، وعدل إلى المقام فصلّى عنده ، وكان أبو جعفر قد حمله أحد غلمان الإمام يطوف به وحينما انتهى إلى حجر إبراهيم جلس فيه وأطال الجلوس ، فانبرى إليه موفق الخادم ، وطلب منه القيام معه فأبى عليه ، وهو حزين ، قد بان عليه الجزع ، فأسرع موفق إلى الإمام الرضا 7 وأخبره بشأن ولده ، فأسرع إليه ، وطلب منه القيام فأجابه بنبرات مشفوعة بالبكاء والحسرات قائلاً : ( كيف أقوم؟ وقد ودّعت يا أبتي البيت وداعاً لا رجوع بعده .. ). وسرت موجة من الألم في نفس الإمام الرضا 7 فالتمس منه القيام معه فأجابه إلى ذلك (٢) __________________ ١ ـ تنقيح المقال : ج ٣ ص ٣١٧ ، بحار الأنوار : ج ١٢ ص ١١٧. ٢ ـ كشف الغمة : ج ٣ ص ١٥٢.
٢٦ ودلت هذه البادرة على مدى ذكائه ، فقد أدرك من وداع أبيه للبيت الحرام أنه الوداع الأخير له ، لأنّه رأى ما عليه من الوجل والأسى مما أوحى إليه أنّه النهاية الأخيرة من حياته ، وفعلاً قد تحقق ذلك فإنّ الإمام الرضا 7 بعد سفره إلى خراسان لم يعد إلى الديار المقدسة ، وقضى شهيداً مسموماً على يد المأمون العباسي. ٢ ـ ومن بوادر ذكائه ما حدّث به المؤرخون أن المأمون قد اجتاز في موكبه الرسمي في بعض شوارع بغداد على صبيان يلعبون ، وكان الإمام الجواد واقفاً معهم فلما بصروا بموكب المأمون فرّوا خوفاً منه سوى الإمام الجواد فإنه بقي واقفاً فبهر منه المأمون ، وكان لا يعرفه ، فقال له : ( هلا فررت مع الصبيان ... ؟ ). فأجابه الإمام بمنطقه الرائع الذي ملك به عواطف المأمون قائلاً : ( يا أمير المؤمنين لم يكن بالطريق ضيق فأوسعه لك ، وليس لي جرم فأخشاك والظنّ بك حسن أنّك لا تضرّ من لا ذنب له .. ). وعجب منه المأمون وسأله عن نسبه فأخبره به فترحّم على أبيه (١) وسنعرض لهذه الجهة في البحوث الآتية. ٣ ـ ومن آياته نبوغه المذهل انّه في سنه المبكر قد سأله العلماء والفقهاء عن ثلاثين ألف مسألة فأجاب عنها .. ولا مجال لتعليل هذه الظاهرة إلاّ بالقول إنّ الله تعالى قد منح أئمة أهل البيت : طاقات مشرقة من العلم لم يمنحها إلاّ إلى أولي العزم من أنبيائه ورسله. __________________ ١ ـ أخبار الدول : ص ١١٥.
٢٧ إشادة الإمام الرضا بالجواد :
وكان الإمام الرضا 7 يشيد دوماً بولده الإمام الجواد ، ويدلّل على فضله ومواهبه وقد بعث الفضل بن سهل إلى محمد بن أبي عباد كاتب الإمام الرضا 7 يسأله عن مدى علاقة الإمام الرضا 7 بولده الجواد 7 ، فأجابه : ما كان الرضا يذكر محمداً إلا بكنيته ، يقول : كتب لي أبو جعفر ، وكنت أكتب إلى أبي جعفر 7 وكان آنذاك بالمدينة ، وهو صبي ، وكانت كتب أبي جعفر ترد إلى أبيه وهي في منتهى البلاغة والفصاحة (١). وحدّث الرواة عن مدى تعظيم الإمام الرضا لولده الجواد ، فقالوا : إنّ عباد بن إسماعيل ، وابن أسباط كانا عند الإمام الرضا بمنى إذ جيء بأبي جعفر فقالا له : ( هذا المولود المبارك .. ؟ ). فاستبشر الإمام وقال : ( نعم هذا المولود الذي لم يولد في الإسلام أعظم بركة منه .. ) (٢). وهناك طائفة كثيرة من الأخبار قد أثرت عن الإمام الرضا 7 ، وهي تشيد بفضائل الإمام الجواد 7 وتدلّل على عظيم مواهبه وملكاته. إكبار وتعظيم :
وأحيط الإمام الجواد منذ نعومة أظفاره بهالة من التكريم والتعظيم من قبل الأخيار والمتحرّجين في دينهم فقد اعتقدوا أنّه من أوصياء رسول الله 6 الذي فرض الله مودّتهم على جميع المسلمين ، وقد ذكر الرواة أنّ علي بن جعفر الفقيه الكبير ، وشقيق
__________________ ١ ـ بحار الأنوار : ج ١٢ ص ١٠٤ ، إثبات الهداة : ج ٦ ص ١٦١. ٢ ـ بحار الأنوار : ج ١٢ ص ١٠٤.
٢٨ الإمام موسى بن جعفر ، وأحد أعلام الأسرة العلوية في عصره ، كان ممّن يقدّس الإمام الجواد 7 ويعترف له بالفضل والإمامة ، فقد روى محمد بن الحسن بن عمارة قال : كنت عند عليّ بن جعفر جالساً بالمدينة وكنت أقمت عنده سنتين أكتب ما سمع من أخيه ـ يعني الإمام أبا الحسن موسى ـ إذ دخل أبو جعفر محمد بن عليّ الرضا 7 مسجد رسول الله 6 فوثب عليّ بن جعفر بلا حذاء ولا رداء ، فقبّل يده وعظّمه ، والتفت إليه الإمام الجواد قائلاً : ( اجلس يا عمّ رحمك الله .. ). وانحنى عليّ بن جعفر بكل خضوع قائلاً : ( يا سيدي ، كيف أجلس وأنت قائم .. ؟ ). وانصرف الإمام الجواد 7 ورجع عليّ بن جعفر إلى أصحابه فأقبلوا عليه يوبخونه على تعظيمه للإمام مع حداثة سنّه قائلين له : أنت عمّ أبيه ، وأنت تفعل به هذا الفعل .. ؟ ). فأجابهم عليّ بن جعفر جواب المؤمن بربّه ودينه ، والعارف بمنزلة الإمامة قائلاً : ( اسكتوا إذا كان الله ـ وقبض على لحيته ـ لم يؤهل هذه الشيبة ـ يعني الإمامة ـ وأهّل هذا الفتى ، ووضعه حيث وضعه ، نعوذ بالله ممّا تقولون. بل أنا عبد له .. ) (١). ودلّل علي بن جعفر على أن الإمامة لا تخضع لمشيئة الإنسان وإرادته ولا تنالها يد الجعل الإنساني ، وإنما أمرها بيد الله تعالى فهو الذي يختار لها من يشاء من عباده من دون فرق بين أن يكون الإمام صغيراً أو كبيراً. __________________ ١ ـ بحار الأنوار : ج ١٢ ص ١١٧ ، أصول الكافي : ج ١ ص ٣٨٠.
٢٩ انطباعات عن شخصيّته :
وملكت مواهب الإمام محمد الجواد 7 عواطف العلماء فسجّلوا إعجابهم وإكبارهم له في مؤلّفاتهم ، وفيما يلي بعض ما قالوه : ١ ـ الذهبي : قال الذهبي : ( كان محمد يلقّب بالجواد ، وبالقانع ، والمرتضى ، وكان من سروات آل بيت النبي 6.. وكان أحد الموصوفين بالسخاء فلذلك لقّب بالجواد .. ) (١). ٢ ـ ابن تيميّة : قال ابن تيمية : ( محمد بن علي الجواد كان من أعيان بني هاشم ، وهو معروف بالسخاء ، ولهذا سمّي بالجواد ) (٢). ٣ ـ الصفدي : قال الصفدي : ( كان محمد يلقّب بالجواد ، وبالقانع ، وبالمرتضى ، وكان من سروات آل بيت النبوة .. وكان من الموصوفين بالسخاء ، ولذلك لقّب بالجواد .. ) (٣). ٤ ـ ابن الجوزي : قال السبط بن الجوزي : ( محمد الجواد كان على منهاج أبيه في العلم والتقى والجود ) (٤). ٥ ـ محمود بن وهيب : قال الشيخ محمود بن وهيب : ( محمد الجواد هو الوارث لأبيه علماً وفضلاً __________________ ١ ـ تاريخ الإسلام : ج٨ ، ورقة ١٥٨ ( مصوّر ). ٢ ـ منهاج السنة : ج ٢ ص ١٢٧. ٣ ـ الوافي بالوفيات : ج ٤ ص ١٠٥. ٤ ـ تذكرة الخواص : ص ٣٢١.
٣٠ وأجلّ اخوته قدراً وكمالاً .. ) (١). ٦ ـ الزركلي : قال خير الدين الزركلي : ( محمد بن الرضي بن موسى الكاظم ، الطالبي ، الهاشمي ، القرشي ، أبو جعفر ، الملقّب بالجواد ، تاسع الأئمة الاثني عشر عند الإمامية كان رفيع القدر كأسلافه ذكياً ، طليق اللسان ، قويّ البديهة .. ) (٢). ٧ ـ كمال الدين : قال الشيخ كمال الدين محمد بن طلحة : ( أما مناقب أبي جعفر الجواد فما اتّسعت حلبات مجالها ، ولا امتدّت أوقات آجالها بل قضت عليه الأقدار الإلهيّة بقلّة بقائه في الدنيا بحكمها وأسجالها فقلّ في الدنيا مقامه ، وعجّل القدوم عليه كزيارة حمامه فلم تطل بها مدّته ولا امتدّت فيها أيامه ) (٣). ٨ ـ عليّ بن عيسى الأربلي : وأدلى علي بن عيسى الأربلي بكلمات أعرب فيها عن عميق إيمانه وولائه للإمام الجواد قال : ( الجواد في كلّ أحواله جواد ، وفيه يصدق قول اللغوي جواد من الجودة .. فاق الناس بطهارة العنصر ، وزكاء الميلاد ، وافترع قلّة العلاء فما قاربه أحد ولا كاد مجده ، عالي المراتب ، ومكانته الرفيعة تسمو على الكواكب ، ومنصبه يشرف على المناصب ، إذا أنس الوفد ناراً قالوا : ليتها ناره ، لا نار غالب له إلى المعالي سمو ، وإلى الشرف رواح وغدو ، وفي السيادة إغراق وعلوّ وعلى هام السماك ارتفاع وعلوّ ، وعن كلّ رذيلة بعد ، وإلى كلّ فضيلة دنو ، تتأرج المكارم من أعطافه ويقطر المجد من أطرافه ، وترى أخبار السماح عنه ، وعن أبنائه وأسلافه ، فطوبى لمن سعى في ولائه ، ____________ ١ ـ جوهرة الكلام في مدح السادة الأعلام : ص ١٤٩. ٢ ـ الأعلام : ج ٧ ص ١٥٥. ٣ ـ مطالب السؤ