قال شيخ الإسلام ابن تيمية موضحاً حال الكثيرين ..
ومن العجب أن الإنسان يهون عليه التحفظ من أكل الحرام والظلم والسرقة وشرب
الخمر ، ومن النظر المحرم وغير ذلك ، ويصعب عليه التحفظ من حركة لسانه ،
حتى ترى ذلك الرجل يشار إليه بالدين والزهد والعبادة ، وهو يتكلم بالكلمات
من سخط الله لا يلقي لها بالاً ، ينزل بالكلمة الواحدة منها أبعد ما بين
المشرق والمغرب ، وكم ترى من رجل متورع عن الفواحش والظلم ولسانه يفري في
أعراض الأحياء والأموات ، ولا يبالي ما يقول.
كان إبراهيم
النخعي إذا طلبه من يكره أن يخرج إليه وهو في الدار قال للجارية : قولي له
اطلبه في المسجد ولا تقولي له ليس هاهنا كيلا يكون كذباً
2و حُكي عن بعض الحكماء أنه رأى رجلاً يُكثر الكلام ويُقل السكوت ، فقال :
إن الله – تعالى – إنما خلق لك أذنين ولسانا واحداً ، ليكون ما تسمعه ضعف
ما تتكلم به .
و روى الربيع بن صبيح أن رجلاً قال للحسن : يا أبا سعيد إني أرى أمراً
أكرهه ، قال : وما ذاك يا ابن أخي ، قال : أرى أقواماً يحضرون مجلسك يحفظون
عليك سقط كلامك ثم يحكونك ويعيبونك ، فقال : يا ابن أخي : لا يكبرن هذا
عليك ، أخبرك بما هو أعجب ، قال : وما ذاك يا عم ؟ قال : أطمعت نفسي في
جوار الرحمن وملوك الجنان والنجاة من النيران ، ومرافقة الأنبياء ولم أطمع
نفسي في السمعة من الناس ، إنه لو سلم من الناس أحد لسلم منهم خالقهم
الذي خلقهم ، فإذا لم يسلم من خلقهم فالمخلوق أجدر ألا يسلم .
قال جبير بن عبد
الله : شهدت وهب ابن منبه وجاءه رجل فقال : إن فلاناً يقع منك ، فقال وهب :
أما وجد الشيطان أحداً يستخف به غيرك ؟ فما كان بأسرع من أن جاء الرجل ،
فرفع مجلسه وأكرمه .
عن حاتم الأصم قال : لو أن صاحب خير جلس إليك لكنت تتحرز منه ، وكلامك يُعرض على الله فلا تتحرز منه .
و حدث أبو حيان التميمي عن أبيه قال : رأيت ابنة الربيع بن خثيم أتته
فقالت : يا أبتاه ، أذهب ألعب ؟ قال : يا بنيتي ، إذهبي قولي خيرا .
اغتاب رجل عند معروف الكرخي فقال له : اذكر القطن إذا وُضع على عينيك .
قال رجل لعمرو بن
عبيد : إن الأسواري مازال يذكُرك في قصصه بشرٍ ،فقال له عمرو : يا هذا ،
ما رعيت حق مجالسة الرجل حيث نقلت إلينا حديثه ، ولا أديت حقي حين أعلمتني
عن أخي ما أكره ، ولكن أعلمه أن الموت يعُمنا والقبر يضمنا والقيامة
تجمعنا ، والله – تعالى – يحكم بيننا وهو خير الحاكمين
و قيل للمعافي بن معران : ما ترى في الرجل يُقرض الشعر ويقوله ؟ قال : هو عمرك فأفنه بما شئت !!
و عن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال : ما من شيء يتكلم به ابن آدم إلا
ويكتب عليه حتى أنينه في مرضه ، فلما مرض الإمام أحمد فقيل له: إن طاووساً
كان يكره أنين المرض ، فتركه .
المصدر: كُتيب ( أحصاه الله ونسوه)
</blockquote>