كانا يتمشّيان و يتحادثان كعادتهما في كل يوم
عندما توقّفت فجأةً
نظرت إليه باندفاع و لهفة و تهوّر و قالت : " أحبّك "
نظر إليها بعينين زائغتين ... و لم يُجب
أشاح بوجهه عنها و نظر بعيداً
سألته : " ما بك ؟ ألا تحبّني أنتَ أيضاً ؟ "
لم يُجب ، أومأ برأسه ايماءة خفيفة
فهمت منها " نعم أحبّك أنا أيضاً "
قالت له : " ما دمتَ تحبّبني ، فلماذا لا تنطقها و أنتَ تعلم أنّني أتوق لسماعها ؟ "
أجابها : " عاهدت نفسي ألّا أقولها إلّا لـ ... زوجتي "
قال عبارته هذه بصوت خفيض و لهجة متردّدة
شهقت : " لكنّنا مرتبطان و متّفقان على الزواج عندما تسمح الظروف "
أجابها " من يدري ؟ قد لا يجمعنا النصيب ، قد تكونين لغيري و قد أكون أنا لغيرك "
جُنّ جنونها من كلماته فلم تتخيّل و لو للحظة - بعد معرفتها به و حبّها له - أنّها قد تكون لغيره
كيف ؟ لا - عقلها لم يكن يتقبّل الفكرة في ذلك الوقت
و افترقا - لأسباب عديدة
و مضى كلّ منهما في طريق
انقطعت أخبارهما عن بعضهما انقطاعاً تاماً
شقّ كلّ منهما طريقه في الحياة العملية و المجتمع
لكن ما زال في بال كلّ منهما ذكريات كثيرة تأبى أن تدخل عالم النسيان
تتذكّر هي الموقف الذي صارحته فيه بحبّها
و تندم على ما قالته
و يتذكّر هو الموقف نفسه - بحسرةِ أكبر من حسرتها
و ندمٍ أشدّ من ندمها
يندم حقّاً على ما لم يقله
يندم حقّاً على أنّه لم يصرخ بأعلى صوته معلناً لها و للعالم كلّه عن حبّه لها
كلاهما نادمان
***************